– أَذْكُرُ –
لَازِلْتُ
أَذْكُرُ
وَالْأُفْقُ الْأَزَلِيُ
السَّاحِرُ
وَطَيْفُ الْجَمَالِ
والْأَبْحُرُ
والْغَابَةُ الْعَذْرَاءُ
والْمِزْهَرُ
وَنَدَى الْأَرْوَاحِ
صَفَاءً
يَقْطُرُ
وَمَغِيبُ الشَّمْسِ
الْأَصْفَرُ
خَمْرُ
مُسْكِرُ
وَالشَفَقٌ الْبَعِيدُ
الْأَحْمَرُ
كَأَنَّهُ سوِارُ
ذَهَبٍ
يَنْصَهِرُ
لَازِلْتُ
أَذْكُرُ
وَنُورُ
الْوُجُودِ
يَخْبُو
وَيَظْهَرُ
والْكَمَالُ لَوْحَةٌ
أَلْوَانُهَا
الَّليْلُ
الْأَسْمَرُ
وَالسَّحَرُ
وَالْقَمَرُ
الْأَحْوَرُ
أَذْكُرُ
وَالصَّدْحُ الْمَلَائِكِيُ
الْفَائِرُ
تُرَدِّدُ صَلَاةً
الْأَعْصُرُ
وسُكُونُ
الَّليْلِ
والْعَبِيرُ
وصّهِيلُ
الْخَيْلِ
لَمَّا تَغِيرُ
وَالْمَدِينَةُ الْفَاضِلَةُ
وَالْفَانُوسُ
الْمُكَسَّرُ
وَالدِّيَارُ
وَأُمِّي
والنَّوَادِرُ
والْبَطَلُ
والْأَسَاطِيرُ
والْأَطْلَالُ
السَّواحِرُ
وَمَنَارُ
الصَّفَاءِ
وَعَطَّارُ
الْأَسْواقِ
وَالسُّورُ
الْعَتِيقُ
الْمَحْفُّورُ
والْحَمَامُ
وغَارُ
الْجِنِّ
الْمُخِيفُ
الْمَهْجُورُ
وَالْعَاشِقُ
الْمُتَيَمُ
الْمَسْحُورُ
والْفَجْرُ
الْأَشْقَرُ
والْأَثِيرُ
سَأَظَلُّ
أَذْكُرُ
والْعِشْقُ
الْأَبَدِيُ
والْفَارِسُ
الْأَمِيرُ
وَالْفَاتِنَاتُ
السَّوَاحِرُ
وَالْجُنُونُ
وَالسُّكُونُ
الرَّائِعُ
النَّادِرُ
والْغَدِيرُ
وَالْعَصَافِيرُ
والصَّنَوْبَرُ
وَالْمَاءُ
مِنْ قَلْبِ الْحَجَرِ
غَائِرُ
والضَّبَابُ
والرُّضَابُ
الطَّاهِرُ
هَاهُنَا الْأَلْوَانُ
وَالْبِلَّوْرُ
وَسِدْرَةُ الْمُنْتَهَى
والْحَقِيقَةُ
وَالْجَوْهَرُ
والْمَاضِي
والْحَاضِرُ
وَالنَّقَاءُ
وَالْعَالَمُ
الأَطْهَرُ
وَالرَّوَاءُ
وَالْهُيَامُ
الْعُذْرِيُ
الْأَكْبَرُ
توقيع: عبد الله الكرني.
اكتشاف المزيد من DemocPress ديموك بريس
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
تعليق للاستاذ سعيد التكراري الشاعر العربي الذائع الصيت على قصيدة (أَحْلُمُ)
——————-
المضارع في تعريف أهل النحو ما دل على الحال والاستقبال، من تم فالعنوان يحيل إلى الاستمرارية …. استمرارية الفعل من حيث الحمولة الزمانية حاضرا واستقبالا، إذن فبنية العنوان الجملية المقرونة بالضمير المضمر العائد على الذات المتكلمة دالة على الاستمرارية ، وفي الوقت ذاته فالبنية الجملية منضوية في إطار الكلام الخبري، والذي تتراوح فيه نسبة الصدق والكذب باعتبار التحقق في الواقع، فإن كان الحلم مطابقا للواقع فالكلام صادق، وإن كان غير مطابق للواقع فالكلام كاذب. ومن باب التعمق في هذا الجانب، يمكن اعتبار عدم المطابقة للواقع بؤرة الشاعرية ؟
وقد نعتبر السطرين الشعريين الأوليْـن:” أراني / أحلم ” يشكلان معاً مفتاح الخرق للبوح الشعري، مما يكسر المعتقد المألوف المرتبط بالحلم، على اعتبار أن الحلم حالة لاشعورية للذات، وهي هنا مرتبطة بلحظة زمنية معلومة يكون فيها الانسان نائماً، أو حالة شعورية وتمثل درجة من الوعي بما يتراءى للإنسان، أو بمعنى آخر ما يصطلحُ عليه بأحلام اليقظة. إلا أن السطرين الشعريين يأخذان منحى آخر للحلم : إنه منحى الحلم على الحلم ، ألم يقل الشاعر :” أَرَانِي / أَحْلُمُ” وهو مايمكن اعتباره شعريةً خاصة فالرؤية من “أراني” حُلْمٌ أو بالأحرى من الحلم ، وفعل الحلم من ” أحلم ” وعيٌ بالحلم، إنه حلمٌ مبني على الرؤية وقائم على الإغراء المنسوب للذات الشاعرة ” يُغْرِينِي ” : حيث ثلاث محمولات فعلية مقرونة بالضمير العائد على المتكلم / الشاعر، سواء كان هذا الضمير مضمراً كما في ” أحلمُ ” و “أَرَانِي” أو ظاهراً كما في “يُغْرِينِي ” محمولات فعلية في زمن واحد وهو المضارع، وقد سلف الذكر أن الإحالة مثبتة على الاستمرارية إذِ الحال والاستقبال. لنمعن النظر في هذه التراتبية الفعلية من زاوية أخرى : ” أَرَانِي / أَحْلُمُ / يُغْرِينِي ” وثمة ترابط بين النحو والدلالة في هذا السياق، فالفعل الأول مرتبط كلياً بالذات الشاعرة إنْ على مستوى الفاعلية أو المفعولية ، فالذات الشاعرة من خلال الضمير المضمر فاعلا أي قائماً بفعل الفعل وهو الرؤية، وفي الوقت ذاته فإن الفعل متضمن لضمير ظاهر والكامن في ياء المتكلم وهو مفعول به أي وقع عليه فعل الفاعل . اذن فالمحمول الفعلي الأول مرتبط كليا بالشاعر . أما المحمول الفعلي الثاني ” أَحْلُمُ ” فيجوز فيه وجهان:
أ- الوجه الأول : اللزومية حيث اكتفاء الفعل بفاعله فقط، والمتجلي في الذات الشاعرة من خلال الضمير المضمر.
ب- الوجه الثاني: التعدية حيث فعل ” أَحْلُمُ ” يحتاج إلى مفعول به، وفي هذا الاحتمال سيكون المفعول به جملة فعلية: ” يُغْرِينِي / اللَّامُنْتَهَى / والْعَدَمُ “. فالشاعر باعتباره فاعلاً قام بفعل الحلم قد أوقعه على مفعول به : إغراء اللَّامُنْتَهَى والْعَدَمُ، ومن البدَهيّ، فإن الإغراءَ واقعٌ على الذات الشاعرة كضمير متجلٍّ في ياء المتكلم ، أما القائم بالفعل أي الفاعل فهو ” اللَّامُنْتَهَى” شأنه شأن “الْعَدَمُ” عن طريق الربط.
ومن هذا المنطلق، يمكن اعتبار الوجه الثاني الاحتمالَ الصائب، وتتحقق معه شعريةً خاصة تفرد بها الشاعر الدكتور عبد الله الكرني.