بقلم : صوفيا ضريف
في الوقت الذي تتساقط فيه القذائف على غزة، وتزهق الأرواح في وضح النهار، لا يملك الإنسان سوى أن يتساءل: هل ما زال للعدالة معنى؟ وهل للإنسانية معايير مزدوجة؟
إن ما يجري في غزة ليس مجرد تصعيد عابر، بل جريمة ممتدة ترتكب على مرأى ومسمع العالم، بكل فصولها من الحصار إلى التجويع، ومن القصف إلى التهجير، وسط صمت دولي يثير الغضب أكثر مما يثير الشفقة.
لايجب أن ننظر إلى القضية الفلسطينية بمنظار المناسبات أو من خلال عدسة الشعارات الموسمية، بل يجب أن نراها مرآة حقيقية لاختبار مواقفنا من الحق والكرامة، ومن قيم الديمقراطية التي ننادي بها في جميع أنحاء العالم.
كيف يمكن أن نتحدث عن حقوق الإنسان ونحن نتغاضى عن آلاف الجثث التي تسحب من تحت الأنقاض؟ كيف نرفع شعارات العدالة، ونحن نصمت أمام مشهد أمٍ تحتضن أبناءها في موت جماعي أو شهداء تصبح أكفانهم مجرد كيس قمامة أو غيرها من المشاهد الجارحة؟
فلسطين ليست فقط أرضا محتلة، بل رمز عالمي للمقاومة والصمود. وغزة اليوم لا تمثل فقط الفلسطينيين، بل تمثل كل إنسان حر يرفض الظلم، ويؤمن بالعدل.
لذلك نرفض أن تفرغ السياسة من بعدها الأخلاقي. فالحياد في مثل هذه اللحظات هو انحياز للجلاد، والصمت هو تواطؤ معلن.
غزة اليوم ليست في حاجة إلى الشفقة، بل إلى المواقف الصلبة، إلى التحرك، إلى رفع الصوت عاليا في وجه الظلم، إلى تحركات استثنائية من أجل فضح ازدواجية المعايير التي تحكم السياسة الدولية.
أما في النهاية،
فغزة ليست من تختبر اليوم، بل نحن من أصبحنا على المحك:
هل تم ترويضنا بنجاح لكي لا نقوى حتى على قول: لا للقتل، لا للاحتلال، لا للصمت؟
الحق لا يحتاج لمن يبرره، بل لمن يؤمن به. وغزة اليوم، رغم نزيف التجويع والتقتيل والتهجير، تكتب فصلا جديدا في التاريخ.