الرئيسية » أخبار الحزب » تأسيس منظمة المرأة الديمقراطية الجديدة ببنسليمان وفروع محلية لها بكل من بنسليمان بوزنيقة مليلة وفضالات

التشهير .. السلاح الناعم

بقلم صوفيا ضريف

 

التشهير .. السلاح الناعم

لم يعد التشهير اليوم مجرد انزلاق مهني عابر في الصحافة، بل أصبح ظاهرة خطيرة تهدد الأفراد والمجتمع على حد سواء. فمن جنس صحفي كان هدفه فضح الفساد وكشف الحقائق المخفية، تحول إلى آلة مدمرة للسمعة، وسلاح خطير يستعمل في تصفية الحسابات والقتل المعنوي.

من فضح الحقيقة إلى صناعة الوهم

في الأصل، الصحافة الاستقصائية هي عنوان للشجاعة وكشف المستور دفاعا عن المصلحة العامة. لكن ما نشهده اليوم هو انحراف خطير، حيث تحولت بعض المنابر إلى مصنع للفضائح، تقتات على الإثارة والتضخيم، وتنشر أنصاف الحقائق أو الأكاذيب الكاملة. وهكذا يصبح الهدف ليس البحث عن الحقيقة، بل جلب المشاهدات وخلق “البوز” لتحقيق مكاسب مالية أو سياسية أو أخرى مخفية.

ضحايا بلا نهاية

التشهير الإعلامي لا يترك وراءه سوى الخراب, كما حدث في واقعة سابقة عرفت سجن العديد من المشاهير وأيضا انتحار بعضهم وتدمير مستقبل بعضهم الاخر. فالتشهير ليس فقط “خبر حصري” بل هو الية تستعمل في تدمير مستقبل الأشخاص و تفكيك الأسر وتلطيخ السمعة و هو ما يفكك معه قيم المجتمع، وكذا تدمير مسار مهني أو اجتماعي بضغطة زر.

الأخطر أن آثار التشهير تبقى لصيقة بالإنسان حتى لو أثبت القضاء براءته لاحقا، كما الحال في واقعة المؤثرة “غ,ع”. لأن “البقعة السوداء” تظل عالقة في الذاكرة الجماعية. إنها جريمة معنوية قد تفوق في قسوتها أي حكم قضائي.

بين الحرية والفوضى

لا أحد ينكر أن حرية الصحافة ركيزة أساسية لأي ديمقراطية، لكن حين تتحول الحرية إلى فوضى، وعندما يستعمل القلم و الكاميرا كأسلحة لتصفية الحسابات عوض توظيفها التوظيف الصحيح من قبيل الإعلام المسؤول والأخبار المهنية، فإننا نجد أنفسنا أمام خيانة للمهنة وللأخلاق. من حق الصحافة أن تنتقد وتفضح، لكن ليس من حقها أن تحول حياة الناس إلى جحيم باسم “سبق صحفي” أو “معلومة حصرية”.

الإعلام الرقمي… خطر مضاعف

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، تضاعف خطر التشهير. لم يعد الأمر محصورا في بعض الجرائد أو القنوات، بل صار كل فرد قادرا على نشر إشاعة أو صورة مفبركة وفي بعض الأحيان خبر غير مكتمل قد تدمر أو تشوش على مسار حياة الإنسان, وأمام سرعة الانتشار و ضعف الوعي و غياب المحاسبة والضبط , هنا تكمن الطامة الكبرى.

مسؤولية جماعية

لا أقول أن الحل يجب أن يكون في خنق حرية التعبير، بل في فرض قواعد صارمة للمهنة، وتوعية الرأي العام بخطورة التشهير، وتفعيل المساءلة القانونية لكل من يحول الإعلام إلى منصة للتدمير بدل البناء.

فالصحافة النزيهة بجميع أجناسها وجدت كونها سلطة رابعة في خدمة المجتمع ومراقبة عمل المؤسسات، لا لتكون مقصلة تعدم الناس معنويا بلا محاكمة.

التشهير ليس صحافة, التشهير سلاح ناعم، يوجه علنا وقد يستهدف أي شخص, إلا أنه مزود بكاتم للصوت حيث يترك وراءه دمارا صامتا.

عن الإدارة