ينظر إلى جيل زد (مواليد ما بين 1997 و2012) على أنه جيل يحمل بصمة مختلفة عن الأجيال السابقة، سواء في أنماط التواصل أو طرق التعبير عن ذاته وقضاياه. هذا الجيل الذي تربى في فضاء رقمي مفتوح، يجمع بين وعي مبكر بالحقوق والحريات وبين تطلع جارف لإعادة تعريف العلاقة بين المواطن والدولة. لكن هذا السلوك الطموح يصطدم بواقع سياسي واجتماعي معقد، يجعل من الجيل ذاته أكثر حذرا في إظهار هويته القانونية أو السياسية.
إن أبرز ملامح جيل زد تتجلى في اعتماده شبه الكامل على الوسائط الرقمية للتعبير عن مواقفه. فالاحتجاجات الافتراضية، الحملات التضامنية، وصناعة الرأي العام على منصات التواصل، أصبحت بديلا عن الوسائل التقليدية للتنظيم السياسي أو النقابي.
إن هذا الانتقال يعكس من جهة القدرة على تجاوز القيود المادية، لكنه في الوقت نفسه يبرز الخوف من الانخراط في هياكل رسمية قد تعرض الأفراد للمراقبة أو المتابعة.
إن القوانين المرتبطة بحرية التعبير، العمل الجمعوي، وحتى تنظيم الاحتجاجات، تظل في نظر العديد من الشباب محفوفة بالقيود. فجيل زد، الذي عايش قصص محاكمات النشطاء أو حجب منصات رقمية أو تضييق على أشكال الاحتجاج والتعبير، يدرك أن إعلان هويته القانونية داخل تنظيم سياسي أو مدني قد يفتح الباب أمام مضايقات لاحقة.
إن هذا الإدراك يجعلهم يتبنون موقفا مزدوجا: المشاركة بحماس في النقاشات العامة، لكن دون التورط رسميا في مسارات تلزمهم قانونيا.
إن من المفارقات الكبرى أن هذا الجيل رغم نزوعه للرفض والاحتجاج، يرفض في المقابل “التسييس” بمعناه الكلاسيكي، فالانخراط في حزب أو جمعية أو حتى في مبادرات مدنية رسمية ينظر إليه بعين الشك والريبة، خشية أن يتحول إلى “سجل متابعة” يظل يلاحق صاحبه لاحقا. لذلك نجد جيل زد يفضل الأشكال العفوية واللامركزية للتعبير: وسم على تويتر، حملة على إنستغرام، أو تجمع عبر تطبيقات الألعاب كما هو الحال الان.
إن ما يقع اليوم هو أن جيل زد في المغرب يتعلم كيف يوازن بين الرغبة في التعبير عن ذاته وبين الخوف من تقييد هذه الذات في قوالب قانونية قد تقيده مستقبلا. هذا الوضع يفضي إلى خلاصة أساسية:
إن جيل زد في المغرب ربما يرفض التعريف عن نفسه في إطار القانون، خوفا من المتابعات والمضايقات التي قد تطاله فيما بعد، مما يجعله جيلا حاضر في الفضاء العام لكنه غائب عن الأطر القانونية الرسمية وربما وجب تقديم ضمانات من أجل حلحلة الوضع الحالي والحصول على مخاطب رسمي.
ض.ص