الشاعر الدكتور عبد الله الكرني يكتب عن الزمانُ الجميلُ

الزمانُ الجميلُ

بِدايَةُ الشّبابِ
تَمُرُّ مُرُورَ
السَّحَابِ
أَمَامَنَا

تَجْرِي أَيَّامُهُ
بًِنَا
بِسُرْعَةِ وَمِيضِ
الفَجْرِ
لَيْلَةَ
الْقَدْرِ
ثم تَنْفُذُ
كصَادِقِ الشِّعْرِ
إِلى أَعْماقِنَا
لِنَحْيَاهَا
بِحِسِّ الْخُلُودِ
نَرَاهَا
أَنْتِ
وأَنَا

لازِلْتُ
أَعيشُ الزَّمَانَ الجَمِيلَ
كُلَّهُ
بِكِ
ولَكِ
ولَنَا

بِدَايَةُ حَيَاتِنَا
شَدِيدَةُ
الْغَلَيَانِ
كالبُرْكَانِ
كَخُرَافَة حَكَوَاتِي
تُلْهِيلنَا
او كوَمِيضِ بَرْقٍ لاحَ
ثم غَشَاهُ السَّحابُ
حِينَا
لمَّا ذَهَبَ الشَّبابُ
عَلَيْنَا

قد أَهْدَيْتُكِ
أَوَّلَ
زهرةَ
رُمَّانٍ
تَفَتَّحَتْ
في حديقَتِنَا

أَوَّلَ
خَرْبَشَةٍ
بِطَبْشُورَةٍ
وَرْدِيَّةٍ
تَخْلِيدًا
لِأَحَاسيسَ
دَفينَة
لِرَسْمِ
قلْبِكِ
الرَّقيقِ
على
الحائطِ العتيقِ
لِحَيِّنَا

وخَيْطَ
قِيتانِ
من نَسِيجِ
الزَّمانِ
شَاهِداً
على
أَوٌَلِ قَفْزِنَا

وَلُعْبَةَ” السيس ”
لَعِبْناهَا مَعًا
والملائكةُ الصِّغارُ
حَوْلَنَا
أَرْوَعَ
لَعْبِنَا

ودَفْتَرِيَّ
القديمَ
الذي خَتَمْنَا
صَفَحاتِه
بتوقيعِنَا

كَمْ كانَ رائِعًا أَوَّلُ
جلوسِنَا
قُرْبَ السُّورِ
الْمَحْفورِ
بَعِيدًا عنْ
حَارَتِنَا

أَتَذْكُرِينْ ونحنُ نَشُدُّ
في أَيْدِي
بَعْضِنَا
أَوَّلَ احْمِرَارٍ
لوجهِكِ
ولِوَجْنَتَيْنَا
من الخَجَلِ
الطُّفولِي
كأَنَّ المكانَ يَهْتَزُّ
وبدورُ
بِنَا

لمَّا أَهْدَيْتكِ زُرْقََةُ
البحرِ
وفَجْرَ
العُمْرِ
وزهرةَ
شَبابِنَا

وصفَاءَ الَّليَالِي
الخَوَلي
لمَّا كُنْتِ
شَمسَنَا
تَزيدُ
الدُّنْيا
ضِيَّاءً
وتَلْوِينًا

تِلكَ الأَيَّامُ
والأَحْلامُ
الوَرْدِيَّةُ هلْ تَعودُ
إِلَيْنَا ?
والفرْحَةُ الكُبْرى
والإِنْشِراحُ
والأَفْراحُ
لمَّا تَغْمُرُ أَرْواحَنا
وتَهُزُّ الدَّاخِلَ
فينَا

إِنَّهُ الزَّمانُ
الجَميلُ
تَبْكِي علَيْهِ
أَماقِينَا
وبهِ الْقَلْبُ من الشَّوقِ
يَنْبُضُ نَبْضًا
حزينًا
لأَنٌَّهُ أَغْلى ما مَلَكَتْ
في الوجودِ
أَيادينَا
وأَعْذَبُ نَغَمٍ
شَدَتْ بهِ العصافيرُ
أَداءً صادِقًا
وتَلْحينَا

ستَبْقى حياةُ
الشبابِ
كالسَّرابِ
حينَا
وكالضَّبابِ
حينَا
او كالطَّيْفِ
الهاربِ
مِنَّا
وإِلَيْنَا

الزمانُ الأَصيلُ
ذكرياتٌ تعيشُ
فينا
وحنينٌ
دفينُ
يُحْيينا يؤْلِمُنَا
ويُبْكينَا

توقيع : عبد الله الكرني