ذ. محمد علمي / عضو المجلس الوطني
منذ الاستقلال و المغرب يعيش حراك سياسي و هو أمر طبيعي تمر منه كل الديمقراطيات لبلوغ سن الرشد التاريخي و النضج السياسي.
لكن العديد من الأحزاب ظلت خارج سياق التطور الطبيعي للممارسة السياسية الحزبية ، متمسكة بأسلوب الهواة رغم الانتقال للاحتراف مع دستور 2011.
تتعدد مظاهر الهواية داخل الأحزاب، لكني سأبدأ بنقطة أعتبرها ذات أهمية قصوى، و هي مسألة الإعلام و التواصل،لا أتكلم عن ناطق رسمي أو إصدار البيانات، بل عن خلية متخصصة في التواصل السياسي تضم خبراء محترفين.
بالنظر لأحزاب بدمقراطيات محترفة، فشكل و مضمون الخطاب بتفاصيله الكبيرة و الصغيرة، حتى اللباس و لون ربطة العنق و الخلفية و النكت… لا يتم اختيارها بعشوائية، لا مجال للارتجال،فالتواصل أصبح علماً قائماً بذاته له قوانينه و قواعده التي تتماشى مع كل فئة مستهدفة، و بالتالي لا يمكن تبرير تخلف الأحزاب بكوننا دولة العالم الثالث أو ديمقراطية ناشئة أو مجتمع أمي… التبرير الوحيد هو الاستهتار بالمواطن.
بتحليل خرجات ساسة الصف الأول سنجدها مشبعة بلغة الخشب و ثرثرة لغوية فضفاضة و نسخ كربونية، ما يوحي أن التعددية الحزبية لا يعني التعددية السياسية، و هو ما ينعكس على المشاركة السياسية و يزيد العزوف، هناك عجز عن التمييز بين التواصل السياسي لنشر الأفكار و الثقافة السياسية المستمرة، و التواصل الانتخابي الدعائي الموسمي لنيل مغانم المناصب .
نصادف بعض المبادرات الفردية المنعزلة أو من يملكون مهارات تواصلية فطرية، ما يؤكد عدم أخذ فن التواصل بجدية ما كاد تطيح بسياسيين بارزين بسبب كلام غير محسوب.
لا يهم أن تمتلك مبادئ وطنية أو أفكار إبداعية و خلاقة إن لم تستطع إيصالها للناس و تقاسمها و مناقشتها معهم، فالسياسي ليس ناسكاً بصومعة أو عاكف بمحراب يقصده المريدون، بل هو رسول للديمقراطية يجوب الأسواق و يتكلم مع الناس بلغتهم و يجعل لكل مقام مقال.
اكتشاف المزيد من DemocPress ديموك بريس
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.