بقلم ذ. محمد علمي / عضو المجلس الوطني لحزب الديمقراطيين الجدد
نظر العديد من المفكرين كالمنجرة وتشومسكي لحتمية تحول قيادة العالم من الغرب إلى الشرق، الاختلاف بينهم كان في الشكل والمدة التي سيتطلبها هذا التحول وطريقته.
لينطلق من أحد الأسواق الشعبية في الصين مرض سيتحول خلال أسابيع إلى وباء ثم إلى جائحة ستصيب كل دول العالم تقريباً،”كورونا” كان الصفعة التي أفاقت العالم من غروره وأحلامه الوردية، وأطلق سلسلة من التفاعلات تداعت أمامها العديد من المسلمات. وكما أكد هينري كسنجر في مقال له أن النظام العالمي سيتغير وأن كورونا ستطلق اضطرابات سياسية واقتصادية ستستمر لأجيال.
لقد أربكت هذه الجائحة بوصلة العالم، التي ومنذ نهاية الحرب الباردة، ظلت تشير في اتجاه واحد، هو الاتجاه الذي لجأ له العالم لقيادته وتوجيهه مع توسع انتشار الفيروس. لكن أمريكا التي بدأت متشفية ثم مهونة ثم حائرة و عاجزة، فشلت في امتحان القيادة.
هذا الفشل بدأت ملامحه تظهر منذ فترة خاصة مع دخول دونلد ترامب المكتب البيضوي، فسياسته المغرورة والمتهورة وغير المتوقعة وكذلك الانفعالية أفقدت الثقة في الولايات المتحدة الأمريكية، كانسحابه من اتفاقية COP21 والاتفاق النووي الإيراني أحادي الجانب، وفسخه العديد من اتفاقية التجارة وقطعه الدعم على مجموعة من المؤسسات الأممية كالأنروا ومنظمة الصحة العالمية…
لقد ارتكز تسيد أمريكا العالم على مجموعة من الأسس أهمها: الاقتصاد، التطور التكنولوجي، القوة العسكرية، فبعد نهاية الحرب العالمية الثانية وضعت و.م.أ قواعد اقتصاد عالمي جديد وجعلت أساسه الدولار الأمريكي وبالتالي ضمان تحكمها فيه، لكن مع ظهور عملات رقمية وقوى اقتصادية جديدة ترفض التحكم المطلق بدأت قواعد النظام تتزحزح، و من أبرز هذه القوى الصين التي اكتسحت العديد من الأسواق أهمها السوق الأمريكي و خلقت عجزاً أمريكياً في ميزان التبادل التجاري مما دفع ترامب لإعلان حرب اقتصادية ارتجالية نوعاً ما على الصين.
أما من الناحية التكنولوجية، فلأول مرة أزاحت الصين أمريكا من المرتبة الأولى من قائمة أكثر تقدم براءات الاختراع، خاصة في مجال تكنولوجيا الاتصالات، وقد سبق لترامب أن أطلق حملة مسعورة على تقنية 5G التي تفوقت فيها الصين، أما من الناحية العسكرية فما يزال التفوق الأمريكي بارزاً، رغم أن شكل الحروب الحديثة وتكتيكاتها وأساليبها قد تغيرت، كالحرب بالوكالة وحرب العصابات والدرونز والصواريخ المحمولة والرخيصة المضادة للمدرعات والسفن…
لكن كل الحروب، أظهرت عجز الجيش الأمريكي بعتاده الضخم والذكي حسم الحروب في أفغانستان والعراق مثلاً، و عجز فخر صناعتها العسكرية كدبابات ابرامز في جنوب لبنان ومنظومة الباتريوت في السعودية، اضافة لهذا فقد عاد الدب الروسي للمنافسة في مجال الأسلحة خاصة بمنظومة اس 400 ووضع قدمه في نقاط إستراتيجية كسوريا ومصر وليبيا وإبرامه اتفاقيات عسكرية مع تركيا وقطر وإيران والصين وحتى السعودية في إطار عالم متحرك ومتقلب حليف المصلحة فقط.
يتبع
اكتشاف المزيد من DemocPress ديموك بريس
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.