بقلم محمد علمي : عضو المجلس الوطني لحزب الديمقراطيين الجدد
خلَّف انفجار مرفأ بيروت صدمة وخوفا كبيرين تخطيا حدود المكان، وبعد التضامن الواسع و الملغوم أحياناً بدأ العالم في استخلاص الدروس، فقامت دول كإيران وإسرائيل وليبيا بإبعاد المواد الخطيرة عن مرافئها الحيوية.
لكن المشكل ليس لوجستيا فقط، فالفتيل اشتعل قبل عملية اللحام بل قبل رسو السفينة سنة 2013، وانفجار الأمونيوم هو نهاية حتمية، كان ممكنا أن يتجلى في شكل آخر، لسنوات طويلة من الفساد والصراعات الداخلية الضيقة والحسابات الخارجية المعقدة، وبالأساس بسبب الحرب الأهلية السياسية القذرة. وهو أمر لا يقتصر على لبنان فقط، فنجد مثلا توماس فريدمان يدق ناقوس الخطر ويعتبر انفجار لبنان تحذيرا لأمريكا خاصة مع شكل الممارسة السياسية التي أدخلها ترامب.
لكن ماذا عن المغرب؟، صحيح هناك بعد جغرافي واختلاف مجتمعي، لكن بالتمعن سياسياً نجد أن المغرب يسير على خطى لبنان في اتجاه الانفجار. بحسب منظمات دولية ووطنية فالفساد والريع والمحسوبية والرشوة أصبحت مستشرية في عدة قطاعات حساسة، ورغم شعارات الحكومات المتتالية إلا أنها تماهت مع الوضع وزادته تفاقماً، خاصة مع العلاقة العلنية للمال والسياسة والصراعات بين الأحزاب ليس من منطلق فكري وإيديولوجي وإنما من منطلق تقاسم كعكة الفساد والامتيازات، وهو ما نبه له ملك البلاد في عدة خطبه.
ومع موجة التسريبات وتسييس الأحداث والطعن في جدوى المؤسسات والخرجات الشعبوية أظهرت الأحزاب، خاصة المشكلة للحكومة، قدرتها على الضرب تحت الحزام والإلتفاف على التعاقد الإنتخابي والتفوق على بكاء الندَّابات. كل هذا من أجل مكاسب مادية وانتخابية متناسية هموم المواطن وآماله المشروعة. بل وصلت وقاحتها لحد المساومة بمشاريع تنموية ضخمة وهو ما أشار له عبد اللطيف الجواهري في تقرير قدمه للملك.
إننا في المغرب أمام طبقة سياسية تناست دورها في سبيل مراكمة المهام والمناصب وبالتالي مراكمة التعويضات والامتيازات وتكريس المحسوبية ويغيب عنها حس المسؤولية والوطنية والشجاعة السياسية والقدرة الإبداعية وخاصة عدم وعيها أو تجاهلها لخطورة ودقة المرحلة وما الحركات الإحتجاجية إلا مؤشرات عن ذلك، لكن ترفض الأحزاب قراءتها.
يتميز المغرب عن لبنان بوجود قوة مركزية يلتف حولها الجميع وهي الملكية، لكنها تحتاج إلى كل القوى الوطنية الحية لتغيير الطبقة السياسية الصدئة لإعطاء المجال لجيل جديد وطاقات كفئة قادرة على تحويل البلاد من سكة الهاوية الحتمية إلى سكة التقدم والرخاء مادمنا نملك بعض الوقت.
اكتشاف المزيد من DemocPress ديموك بريس
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.