عبد الصمد لفضالي
بين المد و الجزر أضحت قضية الوحدة الترابية المغربية تتأرجح بين التداعيات السياسية للقوى الانتهازية من أجل ابتزاز المغرب – أطول وقت ممكن – اقتصاديا (الصيد البحري، الفوسفاط…) وسياسيا بهدف إقبار مشروع الإتحاد المغاربي بصفة نهائية ،الذي يعد ضرورة ملحة لمواجهة التكتلات الإقليمية ( انظر الإتحاد الاوروبي 28 دولة باقتصاد متناسق و عملة موحدة و ربما جيش مستقبلي موحد ) وكذالك من أجل تحجيم تطلعات المغرب الاقتصادية تجاه الدول الأفريقية و صرفه عن حريته في التعامل الاقتصادي مع مختلف دول القارات الخمس ، و كل ذلك بتآزر مع عملاء و انفصاليين داخليين يتحركون في مختلف الدول تحت غطاءات جمعوية “حقوقية” عرقية و قبلية بهدف خلق مستنقعات الفتنة، التي تجلب الإرهاب و الفوضى تحت مجهر الطغمة العسكرية من بقايا خريجي الثكنات الحربية الاستعمارية التي تتحكم قهرا في بلد مجاور، و التي تعي جيدا بأن بقاءها مرتبط بالمؤامرات التي تحيكها – أي الطغمة العسكرية – ضد مواطنيها و ضد المغرب.
بعد فشل توصية البرلمان الاوروبي بتوسيع صلاحيات بعثة ” المينورسو ” لتشمل حقوق الإنسان بالصحراء المغربية، في حين أن حقوق المغرب في وحدته الثرابية هي التي تنتهك من طرف الإنفصاليين، ثم ضمور انحياز محكمة العدل الأوروبية لما يسمى ب ” البوليزاريو ” عبر قرارها المتعلق بمنع الدول الأوروبية المنضوية تحت لواء هذه المحكمة من استراد المنتجات الفلاحية و السمكية المتواجدة بالأقاليم الصحراوية، جاءت تصريحات بان كي مون التي تهور بالتفوه بها كأمين للأمم المتحدة، و أخيرا مصادقة مجلس الأمن الدولي يوم 29 أبريل 2016 على قرار عودة المكون المدني لبعثة ” المينورسو ” و رغم عدم جدوى هذا الشق المدني في مراقبة النزاعات العسكرية، فإن هذه المصادقة تمت بتزكية من الولايات الأمريكية المتحدة التي بدأت تنهج سياسة ” شعرة معاوية ” مع المغرب و الجزائر على السواء من أجل مصالحها بشمال افريقيا على الأقل حتى يتبين الخيط الاسود من الابيض، كما أنه من المحتمل انتظار مفاجئات في السياسة الأمريكية تجاه هذا الملف، كتصريحات السفير الامريكي بالرباط ” دوايت بوش ” بعد قرار مجلس الأمن الأخير بقوله إن الحكم الذاتي بالأقاليم الصحراوية هو الحل الأنسب و الواقعي لحل النزاع، ربما لاقتناع هذا الدبلوماسي الأمريكي بأن الورقة الوحيدة الموجودة فوق طاولة المفاوضات بين المغرب و مناوئي وحدته الثرابية هي ورقة مبادرة الحكم الذاتي، كما سبق أن أكد مجلس الأمن الدولي التابع للامم المتحدة على نجاعة هذا الحل، وكذالك جورج ميل عمدة ” بورتو فيتشو ” بجزيرة كورسيكا – التي تحظى بالحكم الذاتي تحت السيادة الفرنسية – الذي صرح مؤخرا بأن الحكم الذاتي حل مناسب تؤيده التجربة، فتاريخيا لم يكن قبل الاستعمار الاسباني أي حاكم منفصل عن السلطة المركزية المغربية يشرف على ادارة الأقاليم الصحراوية، بينما يتبث التاريخ بالثوتيق أن المقاومة ضد الاستعمار الاسباني كانت تتحرك بتنسيق مع السلطة المغربية، وواقعيا فالمغرب لم يصرف الملايير من أجل تنمية و تمدين الأقاليم الجنوبية إلا بإيمانه أنه يقوم بذالك بمنطقة داخل حدوده فلا يحق للأمم المتحدة أو غيرها بأن تعبث بوحدة الدول.
اكتشاف المزيد من DemocPress ديموك بريس
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.