الرئيسية » أخبار الحزب » إخبار بتاريخ إنعقاد المجلس الوطني لحزب الديمقراطيين الجدد

هل تكون توجيهات الملك محمد السادس أملا في وضع حد لمعاناة ديور السي عباس بأسفي؟

معاد اهليل : الكاتب الاقليمي لتنسيقية الحزب بآسفي

إن الشأن الاجتماعي يحظى عندي باهتمام وانشغال بالغين، كملك وكإنسان. فمنذ أن توليت العرش، وأنا دائم الإصغاء لنبض المجتمع، وللانتظارات المشروعة للمواطنين، ودائم العمل والأمل، من أجل تحسين ظروفه“. كانت هذه إحدى العبارات المولوية التي أثلجت صدر المغاربة في خطاب الذكرى 19 لاعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين. حيث عبر بشكل صريح عن انشغاله بالهشاشة التي تعيشها بعض شرائح المجتمع المغربي. وسيكون نموذجنا في هذا المقال من قلب معاناة متعددة المشارب،  بديور السي عباس بجنوب مدينة أسفي، ولن نعتمد لغة خشب قائمة على الأرقام، والدراسات والمشاريع الوهمية، أو حتى الرؤيات التي يصفها المسؤولون بالإستراتيجية، في حين أنها ليست سوى سراب وأحلام وردية.

ديور السي عباس امتداد عمراني، نعم، إنه في الأصل عشوائي، لكنه كان حلا لمشكلة السكن الذي يؤرق الناس في مدينة أسفي، في ظل غياب مخططات تراعي احتياجات السكان، سواء الراهنة أو المستقبلية، وكذا تحكم لوبيات العار في المشهد  السكني. ديور السي عباس حي يناهز تعداد سكانه الألف نسمة، غير أنه يعد وصمة عار في جبين المجالس التي تعاقبت على مدينة أسفي، ولاسيما عندما نستحضر مأساة غرق الطفل محمد بياض رحمه الله ذي الإثني عشر ربيعا في مسبح الطفيليات والفيروسات الذي فتك بطفولته، مستنقع المياه العادمة الذي طالما حذرت من خطورته الساكنة، لكن التجاهل وسياسة صم الآذان كانت منهجا متبعا منذ القدم في مدينة أسفي. غير أن روح الشهيد صالت وجالت، وتحولت إلى رحمة من الله، حيث هرع المسؤولون إلى عين المكان، متعاطفين، ومتضامنين، ومعربين عن الدعم الكامل للسكان، وأن الحلول ستكون في أقرب الآجال، ولاسيما الخاصة بقنوات الصرف الصحي(الواد الحار). فكانت النتيجة حلولا ترقيعية ما تزال غير مكتملة إلى يومنا هذا. ليتبين فيما بعد أن الحكمة من هرع المسؤولين كانت بالأساس، من أجل احتواء الوضع، وإطفاء نار الجماهير التي اشتعلت، والتي لا تدرى عواقبها.

    إن زيارة سريعة لهذا الحي، ستظهر حجم المعاناة الإنسانية التي يقاسيها سكان المنطقة، فقنوات الصرف الصحي تمتد بين الأزقة لترسم حدود القهر، وخرير مياهها المتعفنة كابوس تنام وتستيقظ الساكنة على صوته، أما الروائح الكريهة فلو أن بديع الزمان الهمداني اشتم شيئا من عبقها، لكتب في ذلك مقامة الدُّور العباسية. والأسوء أنها تقتحم الأبواب رغم إغلاقها، وبذلك تخلف أمراضا وأوبئة خطيرة، ولذلك ينتشر في صفوف سكان ديور السي عباس أمراض العيون، والأمراض الجلدية، وأمراض التنفس، غير أنه والأكثر خطورة انتشار التأزم النفسي. كيف لا، وأجيال من الشباب ولدت في وضعية هشة، لا تعليم، لا شغل، لا صحة، ولا حتى هواء طبيعي يخالط رئتهم من الميلاد إلى اللحد. وهذا يكشف عن زيف شيء اسمه المواطن كما أصله دستور 2011، وهو ما يعني أن هناك تقصيرا واضحا في تنزيل مقتضيات الدستور.

إن معاناة الساكنة، نابعة من غياب برنامج واضح المعالم، قوامه الدراسات التقنية القائمة على العلمية والقدرة على التنزيل الواقعي، وليس المخططات الكبرى التي تُرسم بخيوط من دخان، سرعان ما تتبدد بعد رفع كل جلسة، أو بالأحرى إسدال ستارة مسرحية اسمها دورة جماعة حضرية، أو إقليمية، أو حتى جهوية. ناهيك عن الفتات الذي يلقي به المكتب الشريف للفوسفاط إلى إحدى جمعيات المجتمع المدني، المشكورة على جهودها، موكلا إليها بتنسيق مع السلطة المحلية أمر ربط الحي بقنوات صرف صحي، في حين كان حريا به التعاقد مع شركة متخصصة تنجز المشروع قبل أن يروح ضحيته أطفال آخرون. ومعلوم أن سبب انخراط المكتب الشريف للفوسفاط في هذا المشروع، أساسه أن الأخير سبب مباشر في صعوبة ربط الحي بقنوات الصرف الصحي في الوقت الراهن.

لكن رغم كل ذلك، فالمواطنون متمسكون بالتوجيهات السامية، ويدعون إلى تطبيقها إن الوطنية الحقة تعزز الوحدة والتضامن، وخاصة في المراحل الصعبة. والمغاربة الأحرار لا تؤثر فيهم تقلبات الظروف، رغم قساوتها أحيانا. بل تزيدهم إيمانا على إيمانهم، وتقوي عزمهم على مواجهة الصعاب، ورفع التحديات“. فالمؤكد أن هذه الإشراقات الملكية، هي ما يحيي في المغاربة، بين الفينة والأخرى، روح الاستمرار في مناشدة غد أفضل، والتطلع إلى استئصال شأفة الفساد والمفسدين، الذين لا محالة، سيحين أوان قطاف رؤوسهم؛ لأنهم في الأصل عقبة تقف سدا منيعا في وجه الإصلاح وسير قطار التنمية.

وختاما نطرح التساؤل الآتي: أين الولاة والعمال من تنزيل هذه الخطب والتوجيهات الملكية، أليسوا بالقائمين الساهرين على تطبيق ذلك، ومن ذلك قول جلالته “إن قضايا المواطن لا تقبل التأجيل ولا الانتظار، لأنها لا ترتبط بفترة دون غيرها. والهيآت السياسية الجادة، هي التي تقف إلى جانب المواطنين، في السراء والضراء“. فإلى متى سيُغض الطرف على معاناة ديور السي عباس بمدينة أسفي.


اكتشاف المزيد من DemocPress ديموك بريس

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

عن الإدارة