معاد اهليل : عضو المجلس الوطني لحزب الديمقراطيين الجدد
وجب أن نقف لحظة تأمل عند السلوك الهمجي اللاأخلاقي الذي قام به بعض عديمي القيم والأخلاق، بأحد أسواق الغنم بالدارالبيضاء. وسنطرح الأسئلة بالأسماء الاستفهامية التالية:
من؟ لماذا؟ كيف؟ متى؟
من قام بهذا السلوك الإجرامي؟
إنهم مواطنون مغاربة، حصيلة منظومة قيم مجتمعية فاشلة، منظومة ربت أجيالا بالقمع والعنف والترهيب. فمنذ ميلاد الطفل أو الطفلة، والأسرة تعنف بكل أشكال العنف اللفظي والجسدي بل وحتى الرمزي، وبذلك تغرس قيم العنف في أجيال ترى التنشئة الاجتماعية المثالية في الضفة الأخرى. والمنظومة التعليمية أيضا بفشلها، كثيرا ما تمارس العنف على المتعلم، لتوجد لنفسها بدائل لإنجاح العملية التعليمية، لكن هيهات. أما إذا تحدثنا عن الشارع وهو المجال الخصب لتلقي كل أنماط الانحلال والتفسخ الأخلاقي، ولاسيما إذا لم يكن الأطفال تحت العناية والمراقبة، فسرعانما يتشربون القيم السلبية لأن الطبيعة تأبى الفراغ، فإما أن يتلقى القيم الإيجابية، ويحرص على تطبيقها، أوالعكس صحيح.
لماذا قاموا بهذا السلوك الإجرامي؟
لأنهم في لحظة من اللحظات اعتقدوا أنهم أصحاب الحق، لماذا يملك الناس المال ولا يملكونه هم؟ لماذا يبلغ ثمن خروف صغير ألفي درهم وهو عادة لا يتجاوز الألف درهم؟ وكأنهم في قناعاتهم تجردوا من مواطنتهم، وآمنوا باللادولة، ومزقوا تعاقدهم مع الدولة، لأنها فشلت في تأمين ضرورياتهم. وبالتالي لم تعد قوانين الدولة تعنيهم وهذه قناعة خطيرة جدا، وسلوك قد يودي بالأمن والسلم المجتمعيين. وأنا لا أريد أن أخوض في تفاصيل أكثر بخصوص لماذا، لأن منها ما هو مرتبط بالشغل، والكرامة، والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات.
كيف قاموا بهذا السلوك؟
من خلال الاطلاع الأولي على أشرطة الفيديو التي تم تداولها، يتبين أن المعتدين كانوا على قدر كبير من المكر في عالم الجريمة، بحيث استهلوا جرمهم بإثارة الفوضى ونشر الهلع، وذلك بالرشق بالحجارة من بعيد. وبعد تأكدهم من عدم وجود قوة مضادة يمكن أن تصدهم أو أن تردعهم، قاموا بمهاجمة الشاحنات، وحصلوا على مبتغاهم بمساعدة من لم يكن شريكا أو مخططا للجريمة، ومن ذلك حتى النسوة اللواتي ظهرن وهن يحاولن سرقة الخرفان. فاللص في هذه اللحظة سيرى في نفسه صفة السوبرمان الذي أدخل الفرحة في قلوب الرجال والنساء والأطفال. وبالتالي فعدم معاقبته سيجعله مستعدا للعودة إلى هذا السلوك مستقبلا، وبإرادة أقوى.
متى وقعت الجريمة؟
بُعيْد أيام من الاحتقان المجتمعي الذي عرفه الشعب المغربي بسبب القرار الارتجالي، المتمثل في إغلاق المدن التي تعتبر القلب النابض للمغرب، وقبيل ساعات من عيد الأضحى. فالأول جعل الشعب المغربي يغلي، ويؤمن بأنه مغيب من حسابات الحكومة، وبالتالي فقانونها لا يعنيه. أما الثاني وهو بداية العد العكسي للعيد، والمواطن لم يقبل واقع الغلاء، أو لم تسعفه أوراقه النقدية القليلة، أو لم تسعفه الظروف الاجتماعية؛ لأنه عاطل عن العمل، وبالتالي فهو في سباق مع الزمن. كما أن الاتصالات الهاتفية أكدت الخصاص في مناطق ربما كانت الشاحنات تستعد للتوجه إليها، وبالتالي فأملهم في الحصول على خروف عيد تبدد. وهنا خرجت الأمور عن السيطرة.
إن العصيان والتمرد الذي أقدم عليه هؤلاء المجرمون، يعتبر ناقوس خطر، أو أول مسمار من المسامير التي ستطرق على نعش المجتمع المغربي، إذا لم تتدخل القوى العليا في البلد لكف الفساد، ووضع برامج ومخططات لنشر وزرع بذور القيم الإنسانية، وإصلاح المظومتين الرئيستين: التعليم والعدل، وبالضرورة فهذان المجالان سيصلح معهما سائر المجالات الأخرى، لأنهما عمودا المجتمعات.
اكتشاف المزيد من DemocPress ديموك بريس
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.