الرئيسية » الرئيسية » منظمة المرأة الديمقراطية الجديدة تضع تصورا عام لعملها

في الوظائف المباشرة للانتخابات

محمد ضريف

تجسد الانتخابات آلية مركزية لتداول السلطة بشكل سلمي كما تمثل وسيلة لتأمين التعايش السياسي بين مختلف الفرقاء السياسيين, غير أن الحديث عن الانتخابات دون ربطها بطبيعة الأنظمة السياسية الحاكمة قد لا يساعد على تحديد وظائفها بشكل دقيق, و عليه فهذه الوظائف تختلف بين أنظمة ديمقراطية و أخرى غير ديمقراطية , ففي الأنظمة الأولى تجرى آنتخابات تنافسية في حين تجري في الثانية انتخابات غير تنافسية.

هناك معياران للتمييز بين الانتخابات التنافسية و الانتخابات غير التنافسية:

  • يتعلق المعيار الأول برهاناتها, فإذا كانت رهانات هذه الانتخابات تنصب على الوصول إلى السلطة السياسية بما يفيد احتكارا لاتخاذ القرار السياسي اعتبرت في هذه الحالة انتخابات تنافسية, أما إذا كانت هذه الانتخابات لا تمس جوهر السلطة السياسية فهي بهذا الاعتبار انتخابات غير تنافسية.

يرتبط المعيار الثاني بغياب شروط التكافؤ بين القوى السياسية المتنافسة حيث تعمل السلطة السياسية الحاكمة على تكريس منظومة الحزب المهيمن الذي يحظى بكل الدعم و المساندة للفوز بمختلف الاستحقاقات ألانتخابية، في حين يقتصر دور الأحزاب السياسية الأخرى على إضفاء الشرعية على, انتخابات هي أقرب في جوهرها إلى “التزكية”

في موضوعنا سنركز على الوظائف المباشرة التي يفترض أن تؤديها الانتخابات ذات الطابع التنافسي، وهي ثلاث.

تتجلى الوظيفة الأولى في التعبير عن إرادة الناخبين و هنا يجب إبداء ملاحظتين للتوضيح:

  • الأولى مرتبطة بضرورة التمييز بين مفهوم الشعب الاجتماعي الذي يشمل مختلف مكونات الشعب سواء تعلق الأمر بالذين يصوتون أو الذين ليس لهم الحق في التصويت بحكم السن أو لموانع قانونية و بين مفهوم الشعب السياسي الذي يتكون من الذين لهم الحق في التصويت فقط , فمفهوم الناخبين يتماهى مع مفهوم الشعب السياسي, أما الملاحظة الثانية فهي مرتبطة بإشكالية التمثيلية التي تطرح من ثلاثة جوانب : يكمن الجانب الأول في طبيعة التمثيلية؛ هل هي تمثيلية ذات طابع سياسي أم تمثيلية ذات طابع اقتصادي و اجتماعي, و هنا فإن التمثيلية ذات الطابع السياسي هي التي تحضى بالأولوية ما دام أنها تستند إلى الانتخاب المباشر عوض التمثيلية ذات الطابع الاقتصادي و الاجتماعي التي تتحدد في الغالب من خلال الانتخاب غير المباشر . .
  • يعود الجانب الثاني إلى حدود التمثيلية , و هنا تطرح مسألة نسبة المشاركة في عملية الاقتراع، فالأكيد أنه كلما سجلت نسبة مرتفعة من المقاطعة إلا و كان ذالك مؤشرا على ضعف ثقة الكثلة الناخبة في المؤسسات الدستورية , وهي نفس الملاحظة التي تفرض نفسها فيما يخص ارتفاع نسبة الأصوات الملغاة.
  • يتلخص الجانب الثالث في مستويات التمثيلية , ففي إطار الانتخابات التنافسية هناك آعتراف بالتمثيلية الديمقراطية فقط , هذه التمثيلية الديمقراطية لا يفرزها الإ الاقتراع الحر و النزيه و الشفاف.

إن مسألة طرح مستويات التمثيلية تستمد مشروعيتها من كون بعض الأنظمة السياسية تعتمد على نوعين من التمثيلية: تمثيلية دنيا و تمثيلية عليا كما كرس ذالك الدستور المغربي السابق الذي كان فصله التاسع عشر يعتبر الملك هو الممثل الأسمى للأمة بما يفيد تكريس تمثيلية عليا تسمو على تمثيلية نواب الأمة , غير أن الدستور الجديد و هو دستور فاتح  يوليوز 2011 حسم في الأمر ووضع حدا لازدواجية التمثيلية بحيث نص في فصله الثاني و الأربعين على كون الملك هو رئيس الدولة و ممثلها الأسمى, ولم ينص على كونه ممثلا أسمى للأمة في حين حدد مصدر تمثيلية الأمة في الاقتراع حيث ورد في الفقرة الثانية من الفصل الثاني منه : “تختار الأمة ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر و النزيه و المنتظم ” كما نصت الفقرة الأولى من الفصل الحادي عشر من الدستور الجديد على أن ” الانتخابات الحرة و النزيهة و الشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي ” تتمثل الوظيفة المباشرة الثانية للانتخابات في ترسيخ المشروعية الديمقراطية حيث تتماهى الشرعية القانونية مع المشروعية السياسية , وهنا تصبح وظيفة النخبة السياسية الحاكمة بمقتضى تفويض الناخبين محددة في العمل بمقتضى الدستور الذي يحدد حقوق وواجبات كل الفرقاء السياسيين

. إن هذه الوظيفة الثانية تفيد أمرين أساسين

  • يتعلق الأمر الأول بكون المشروعية الديمقراطية باعتبارها مشروعية عقلانية حسب تعبير ماكس فيبر تروم وضع حد لأنماط من المشروعية لا علاقة لها بصناديق الاقتراع كالمشروعية التقليدية التي تستند إلى التاريخ أو الدين و المشروعية الكارزمية
  • يرتبط الأمر الثاني بكون المشروعية الديمقراطية هي تلك التي ترتكز على انتخابات تجرى بشكل منتظم بما يفيد ضرورة الرجوع بشكل منتظم إلى الناخبين حسب ما يحدده القانون لتمكينهم من التعبير عن إرادتهم سواء في اتجاه تجديد الثقة في النخبة السياسية الحاكمة أو في اتجاه إحلال نخبة سياسية جديدة محلها.

تتجسد الوظيفة المباشرة الثالثة للانتخابات في تحديد حجم القوى السياسية المتنافسة , فمعلوم أن كل القوى السياسية تدعي تمثيلها لمصالح العديد من الفئات الاجتماعية , و بالتالي فإن الوسيلة الموضوعية الوحيدة لتحديد حجم هذه القوى السياسية و تمثيليتها تكمن في عملية الاقتراع .

تفضي الوظيفة الثالثة إلى نتيجتين :

  • أولهما ذات صلة بإعطاء دلالة لثنائية الأغلبية و المعارضة من خلال تكريس ترتيب مقبول لمواقع القوى المتنافسة في الخريطة السياسية ,
  • ثانيهما ذات آرتباط بإعادة تشكيل المشهد السياسي حيث تعمل القوى السياسية المتصدرة لنتائج الانتخابات على بذل جهد لأجرأة برامجها الانتخابية لتتحول إلى سياسات عمومية في حين تعمل القوى السياسية غير المتصدرة للنتائج على إعادة النظر في اختياراتها سواء تعلق الأمر بالمستوى السياسي أو بالمستوى التنظيمي .

عن الإدارة

اترك تعليقا