بقلم ذ. معاد اهليل
من الخزي والعار، أن يكون سكان تِخْرِيِبينْت بحي سيدي بوزيد بمدينة أسفي يسبحون في بِرك الواد الحار. ومن أجل ذلك أطلق سكان منطقة “تِخْرِبِينْت” بحي سيدي بوزيد بأسفي صرخة مدوية في وجه المسؤولين والممثلين المنتخبين، نتيجة الأوضاع المتردية التي يعيشونها. حيث أوشكت سيول قنوات الصرف الصحي(الواد الحار)، التي تنتشر سواء في الطرق الرئيسية أو الأزقة الضيقة، أن تجرفهم، مع ما تخلفه من روائح كريهة يستحيل أن تكون ظروف عيش كريم لمواطن ينتمي إلى القرن الواحد والعشرين، وفي بلد نام يضرب به المثل إفريقيا وعربيا. وقد انطلقت الصرخة بدموع مُرة ينبعث منها علقم تجرعه شيخ يبلغ من العمر 84 سنة يدعى الحريزي محمد، نشأ وترعرع في هذا الحي الذي عرف منذ القدم تهميشا منقطع النظير، والذي يؤكد أن كل المجالس المتعاقبة، وكل المسؤولين يَعِدون بإيجاد حل لمعضلتهم، إلا أن مطالبهم سرعان ما تجد مكانها في رفوف المصالح المختصة، وأحيانا يقضون الساعات الطوال دون أن يستقبلهم المسؤولون. لتستمر معاناتهم التي لا يمكن لضمير حي تجاهلها، وإليكم التفاصيل. التخربينت حي يقع في المجال الحضري لمدينة أسفي، يحده شمالا مشروع سكني للعمران، وإلى جواره الكلية المتعدد التخصصات، ويحده جنوبا الفيلات الفارهة لسيدي بوزيد. وهو وجهة سياحية وقبلة للراغبين في التنزه والترويح عن النفس. غير أن الزائر المستمتع لا يعلم أن إخوانا له في الوطن يعيشون ضنكا ونكدا يبعد أمتارا قليلة عن النافورات الجميلة التي يلتقط إلى جوارها أجمل الصور التذكارية، ولا يعلم أن الكراسي الرخامية المبثوثة في أرجاء رصيف سيدي بوزيد، لا تعكس الوضع الكارثي الحقيقي الذي يعانيه مايقارب 1500 مواطن يقطن بهذا الحي. وما لم يستوعبه المواطنون في هذا الحي، هو كيف يعقل أن تكون أشغال إنشاء قنوات الصرف الصحي قد انتهت منذ زمن طويل، والمسؤولون يرفضون ربطها؟ مع العلم أن هذا المشروع كان نتيجة توصية ملكية ومشروعا تبناه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، في إحدى زياراته لمدينة أسفي والغريب أن الفيلات الفارهة المجاورة ومعها التجزئة القريبة، استفادا من الربط بشبكة الصرف الصحي في حين مُنعوا منعا تاما لأسباب يجهلونها. وما يزيد الطين بلة أنه إلى جانب هذه المعاناة تنضاف احتياجات أخرى، فالمنطقة تفتقد لمؤسسات تعليمية، لأن أقربها تبعد بحوالي كيلومترين أو ثلاثة. ولا وجود لمستوصف صحي، ولا وجود للمرافق العمومية الضرورية. كما أن هذا الحي يعرف انتشار نبات الصبار(الضرك)، الذي يعتبر بالنسبة للساكنة مصدر الأفاعي والهوام السامة التي تهدد حياتهم وحياة أبنائهم، ورغم شكاياتهم لم تتدخل المصالح المختصة لاقتلاعه.
وقد أشار أحد الشباب، إلى أن منطقة تِخريبينت عانت تهميشا وإقصاء مستمرا لا يعلمون سببه. وذلك أن تصميم الهيكلة الخاص بسنة 1988، استفاد منه حي إجنان، وتصميم 1998 استفاد منه حي مفتاح الخير، وتصميم 2006 استفاد منه حي قرية الشمس، في حين استمرت سلسة الإقصاء والتهميش لسكان هذا الحي إلى حدود هذه الساعة. وبجوار هذا الحي يقع حي آخر يعاني من الضنك ما يزيد عن هذا الحي وهو حي “وَسْكَنَّة”. فإذا كان حي تخربينت يتوفر على الماء والكهرباء، فهذا الأخير معزول عن العالم تماما، ومحروم من أبسط شروط العيش السليم، ولا أقول الكريم لأنه بعيد كل البعد عن الكرامة بعد السماء عن الأرض. فالأطفال يدرسون، إن درسوا، على ضوء الشموع، والمرضى المصابين بالأمراض المزمنة، يحتفظون بالأدوية في ثلاجات أقاربهم، في أحياء أخرى بأسفي، كي لا تتلف. ولا ينبغي أن تفوتني الإشارة إلى أن هذا الحي لا يتوفر على طرق مؤدية إليه، وهذا يعني أن وسائل المواصلات تقف عند حدود الطريق الرئيسية، وهو ما يضطر المريض أو الشيخ العجوز، أو المعاق، يتكبدون عناء قطع مسافة طويلة للوصول إلى الحي.
وفي الختام سالت دمعة البداية من جديد على بياض استمارة المعلومات من طرف الشيخ الثمانيني متسائلة عن سبب هذا التحقير والتهميش الذي لازمهم ردحا طويلا من الزمن. فإلى متى؟ ومن المسؤول؟