لماذا تساند الدول المتحكمة في العلاقات الدولية و المهيمنة على الإقتصاد العالمي الأنظمة الديكتاتورية ، خصوصا منها أنظمة الدول الغنية ، باستثناء كوريا الشمالية ؟
إن القوى العظمى بما فيها الدول الأوروبية ذات المرجعيات الديمقراطية بقدر ما تكرس الديمقراطية و حقوق الإنسان داخل بلدانها ٬ بقدر ما تشكل – خارج حدودها – عصابة فيما بينها بقوانين ” عرفية ” تتحكم غصبا في مصير و مستقبل الشعوب المغلوبة على أمرها بوسائل قهرية ( القوة العسكرية و صنادق النقد الدولية ) ٬ فهذه العصابة الدولية تساند أنظمة ديكتاتورية باعتبارها أسواق خلفية لتصريف خردتها العسكرية و بيع صادراتها وحماية حلفائها ٬ مقابل حمايتها لهذه الأنظمة الديكتاتورية ضد شعوبها و ضد جيرانها ” الخارجين” عن بيت الطاعة الدولية ، كما فعلت هذه القوى الدولية بمعظم الدول الخليجية ٬ إثر ترهيبها بصدام حسين الذي جعلوه يبتلع طعم ” غزو الكويت ” للقضاء عليه ثم تدمير بلاده بنفقة خليجية .
لكن الأمر يختلف كليا مع نظام كوريا الشمالية كنظام ديكتاتوري محض مهووس بالتقدم التكنولوجي و العسكري على حساب الحريات الفردية لشعبه ، حيث تسعى جل الدول العظمى – باستثناء الصين و روسيا لاعتبارات مصلحية و استراتيجية – إلى التضييق على النظام الكوري الشمالي بهدف القضاء عليه أو على الأقل تكسيره و تدجينه ٬ من أجل عرقلته عن خلق تحالفات مع دول القوى الصاعدة تكون في مستوى الوقوف ضد ” فيتو ” الدول الخمس ٬ مما يهدد مصالح القوى العظمى اقتصاديا و استراتيجيا .
الديكتاتورية الكورية تستعبد شعبها و تجعل منه آلة عسكرية قوية بهدف اقتسام الكعكة مع القوى الإنتهازية ٬ و الديكتاتوريات الأخرى تستعبد شعوبها من أجل إرضاء من يحمون أنظمتها ٬ أما القوى العظمى فإنها تناور من أجل إرضاء مجتمعاتها التي فوضتها – عبر صنادق الاقتراع – تدبير شأنها العام على حساب الشعوب التي أرغمت – بضم الهمزة – على التصويت في كل ما يتعلق بشأنها العام ب 99،99 بالمائة.
اكتشاف المزيد من DemocPress ديموك بريس
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.